جمع وافراد البصر والسمع بالقرآن الكريم

هذا هو الملخص لأول ورقة علمية لي
أسأل الله تعالى أن ينفع بها الإسلام والمسلمين والناس أجمعين

الملخص:

"لا يأتي السمع على صيغة الجمع على الإطلاق, بينما يأتي البصر مفردا أو جمعا عل حسب الموصوف به كان فردا أم جمعا" هذا ما سوف تلاحظه عند تتبعك لآيات القرآن الكريم التي يذكر فيها الحواس. لا أحد يعرف إذا ما كانت الناس كلها تشعر بصورة واحدة أم لا, فكل واحد منا مثلا يستقبل الألوان الأساسية كل لون بشكل مختلف عن الألوان الأخرى ولكن هل كلنا نرى هذه الألوان بنفس الطريقة؟ الحقيقة الواردة بالقرآن الكريم من إفراد السمع دائما على عكس البصر الذي قد يأتي مفردا أو مجموعا يجعلنا نستنتج أن السمع واحد لدى الناس كلها وأن البصر يختلف من فرد لآخر بدليل جمعه عند الحديث عن جماعه وإفراده عندما يكون الحديث عن فرد واحد.

عند مقارنة الجهاز البصري مع الجهاز السمعي يتضح فارق أساسي أولي بينهما (بغض النظر عن فارق حجم المعلومات المنقولة من كل جهاز) وهو أن الجهاز البصري ليس مجرد أداة تحليل للموجات الضوئية بل الأصح وصفه بأنه أداة تحليل للمكان أو الفضاء المحيط بالكائن عن طريق تحليل الموجات الضوئية. على العكس السمع لا يقوم بأكثر من تحليل الأمواج الصوتية من حيث التردد والشدة, قد يقوم الجهاز السمعي بتوفير بعض المعلومات عن المكان ولكن يتم هذا بصورة حسابية تقديرية وليست أساسية استقبالية كالجهاز البصري.

نلاحظ شيء مدهش(على حد وصف أحد مراجع العلوم العصبية البصرية) مع التقدم أكثر في مراحل معالجة البيانات بالجهاز العصبي حتى نصل إلي منطقة القشرة الجدارية (والمسئولة عن الإحساس بالمكان والتحول الحسي الحركي لتوليد سلوك الكائن الحركي في البيئة المحيطة به) هذا الشيء هو أن كل المعلومات الواردة عن المكان أو الفضاء المحيط من البصر أو السمع يتم معاجلتها بحيث يتم التعامل معها فقط من خلال خريطة للمكان مركزها العين, بل والأكثر أن هذه المعلومات تعدل بحسب حركة العين. ومن الجانب الآخر فإن الجهاز الحركي لا يستقبل المعلومات إلا من خريطة مماثلة للمكان ترتكز على العين. هذا يفيد بأن الكائن أو الفرد لا يتعامل مع المكان أو الفضاء المحيط به إلا من خلال التصور البصري للمكان بغض النظر عن الحاسة التي ساقت المعلومات عن المكان.

الشيء الآخر الذي يكمل الصورة هو أن تمثيل المكان في القشرة الجدارية ليس تمثيلا هندسيا مجردا بمعيار ثابت لا يتغير ولكن ما يحدث هو أن الجهاز العصبي يبني تمثيل المكان أو الفضاء المحيط منسوبا إلي الكائن أو الفرد المستقبل لهذا الفضاء أو المكان ويكون المعيار الذي يتم رسم المكان به هو معيار خاص بالكائن المستقبل يتم تحديده وفقا لقدراته الحركية وإمكاناته الحسية فلذلك هو مختلف من فرد لآخر بل هو (كما يفترض صاحب البحث) يتغير بالنسبة للفرد الواحد وفقا لتغير الإمكانات الحركية له من صغره لكبره ولذلك يرى البعض الأماكن أصغر مما كانت عليه في صغره.

إذن الحاصل أن الكائن أو الفرد يتعامل مع الفضاء المحيط به من خلال التصميم والتخطيط البصري لهذا الفضاء حتى بغض النظر عن مصدر المعلومات الواردة عن المكان سمعية كانت أم بصرية , وأن هذا التصميم أو التمثيل للفضاء المحيط ليس تمثيلا مجردا ذو معايير ثابتة بل يتغير تبعا للإمكانات الحركية والحسية للكائن كما تذكر بعض الأبحاث.

تناسب هذه المكتشفات العصبية العرض القرآني للسمع والبصر من حيث عمومية أو خصوصية هذه الأحاسيس مما يلفت النظر إلي أنه قد يكون الوضع الذي عليه كلا من السمع والبصر هو الحكمة من وراء عرضهم هذا العرض ولكن لا ينبغي أخذ هذا على أكثر من الافتراض لأن ما نعلم عن الجهاز العصبي أقل مما لا نعلمه, وأن هذا البحث وإن قدم سببا لجمع وإفراد البصر فالصورة لم تكتمل بعد إذ ينبغي تقديم أسباب أيضا لضرورة إفراد السمع غير مجرد نفي وجود سبب خصوصية البصر عن السمع, ولكن رغم كل هذا فهي خطوة لمحاولة فهم هذه الحقائق القرآنية.

إن صح الافتراض المساق هنا فقد يوفر سبيلا جديدا لبداية محاولات جديدة لحل مشكلة الوعي والخبرة الفردية للإحساس التي سبق الحديث عنها في أول هذا الملخص.

No comments: